آراء ومقالات

 بشارة جمعة أرور يكتب :صفقة دماء خاسرة …صراع الكبار في تقسيم السودان

الخرطوم / أفريكا نيوز 24

إذا استمرت هذه الحرب الدموية اللعينة وظل التصعيد متزايداً فإنه سيفضي إلى مخاطر هائلة وقد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه وتسبب عواقب وخيمة تقود البلاد إلى الإنهيار الكامل والتقسيم،وبادئ ذي بدء هناك احتمال تفاقم مخاطر تطورات صراع الكبار على الموارد والثروات التي يزخر بها هذا البلد ودونكم تجليات الحرب الاقتصادية وصعود النفوذ الروسي المُربك للمشهد العالمي وحسابات أمريكا وأوروبا وبالتالي فإن الأحداث عالمياً ستتلاحق والسودان سيتجه نحو المجهول أكثر فأكثر وعليه يجب أن يستعد الشعب السوداني ويتأهب لكل الاحتمالات

لأن إطالة أمد الحرب الهدف منها تقسيم وتفتيت البلاد إلى دويلات وهذا الإحتمال متوقع بشكل كبير أكثر من ذي قبل والسبب زيادة نفوذ المخابرات الأجنبية ويلاحظ ذلك في كثرة أنماط عمل وكالات الاستخبارات الأجنبية التي كثفت الانشطة السياسية والاقتصادية بشكل كبير تحت مظلات ومسميات عديدة على سبيل المثال غطاء الورش،اللقاءات والمساعدات الإنسانية…، وتنامي إستراتيجية الجيوش الخاصة ومجموعات شبه عسكرية (ميليشيات) كأدوات نفوذ بلا ثمن سياسي بغرض احتواء نفوذ الخصوم والاعداء ثم التوسع في مناطق الأزمات على غرار ما يحدث في أفريقيا والشرق الأوسط وكل ذلك بلا تكلفة عملية تذكر.

وللإجابة لإحتمال تقسيم السودان يجب أن نقف عند السؤال الذي يفرض نفسه، لماذا سحبت الدول بعثاتها وأجلت رعاياها لولا علمها بأن الحرب ستستمر والدمار سيطال كل البلاد لا محال…،وهل كانت قراءة الدول الكبرى وفق معلوماتها وتقديراتها بأن الأمور ستسير إلى ما هو أسوأ، أم هي بذاتها ضالعة في إشعال وتأجيج نيران الحرب المستعرة،…؟ يبدو أن الأحداث المتوقعة كانت معلومة لتلك الدول الكبرى لذلك عملية الإجلاء التي حدثت وشهدتها العالم كانت أكبر عملية إجلاء في التاريخ.

وهنا لابد من الربط بين كل الأحداث والمواقف والتطورات بدايةً بعملية التغيير وما صاحبها من ظهور ممثلو البعثات الدبلوماسية وعلاقتها بمكونات حكومة الفترة الانتقالية والأنشطة والأعمال والدعاية السياسية الوهمية وتوقيت الزيارات والتغريدات والتصريحات التي كانت تصدر كل ما أشتدت الأزمات السياسية والاقتصادية في البلاد والزيارات السرية وقدوم البعثات والمواقف المساندة…،وحتى ظهر قوة النفوذ عندما أرسلت كلاً من أمريكا وروسيا جنودهما لإجلاء البعثات الدبلوماسية والرعاية، أرأيتم كيف سكتت أصوات الطائرات ولعلعةً السلاح ودوي الإنفجارات في سماء الخرطوم.

ومع ذلك إن نفوذ أمريكا وأطماع أوروبا على المحك مع مضاغطة وإقتراب روسيا من المستعمرات الفرنسية القديمة في أفريقيا،والصين تغزو العالم بأنشطتها الاقتصادية وكذلك تزايد طموحات إيران…إلخ.وهذا يوضح ويؤكد بأن الصراع صراع الكبار وأن حرب السودان تدور في أتُون نيرانها المتأججة ولن تنتهي إلا بصفة.

وبالواضح ليست هناك إمكانية لتوقف الحرب وإستقرار السودان في القريب العاجل مالم تصال الدول الكبرى إلى توافق مقنع وغايات متفق عليها،لأن هذا العراك الأحمق والهرولة العمياء نحو الخيارات العدمية سيولد المزيد من التعقيدات للأجواء السياسية الفقيرة أصلاً ،وربما تدخل البلاد في مواجهات داخلية مفتوحة ونيران فتنة لن ينجو منها أحد وبذلك ستكون عالية الكُلفة.

وفي مثل هذه الظروف والمناخ السياسي المتردي يستحيل تحقيق الاستقرار وخاصة في ظل وجود هذه المنظومة الحاكمة على سدة الحكم وقيادة الدولة السودانية التي ليست لديها ولا مجرد بوادر نجاح للسياسات لذلك نعتقد بأن لا مسعف أو أمل يلوح في الأفق لوقف الحرب حتى اللحظة ولا متوقع أي مستقبل للبلاد إلا في إطار الحوار السواني السواني لكافة الأطراف السياسيه دون إقصاء أو إبعاد لأي جهة مهما كان السبب والمبررات، حينئذ يمكن أن يتم الالتفاف العريض حول أجندة وبرنامج إدارة الفترة الانتقالية بالالتزام الصارم والعمل الجاد المستمر.

وعليه نوجه نداء صادق وندعو كل القيادات والقوى والتنظيمات السياسية كافة من أجل العمل وأتخاذ الترتيبات والإجراءات اللازمة لتضميد ولملمة جراح الوطن،وتكثيف الجهود لاحتواء التطورات لتجنيب الشعب السوداني المزيد من الفتن والمخاطر التى تهيئ الظروف لتنفيذ صفقة الدماء في معركة صراع الكبار لتقسيم السودان. ويا لها من صفقة دماء خاسرة.

وقناعاتنا أن إتباع المبدأ يغلب المادة مهما كان حجم البلاء والامتحان كذلك ستظل موقفنا ثابتة ولا يمكن أن تهتز في توضيح إتجاهات المؤشرات بناءاً على تبصرة في الأمور والقراءة السليمة لوجهة الحقائق.

فالمؤشرات وقرائن الأحوال تُوشِي بأن الجيش غير راضي عما يحدث ويدور الآن. وثمة أجواء توحي بأن شيئاً ما قد يتحضر ويحمل الشعب السوداني على اندلاع انتفاضة عارمة ضد القيادة القائمة التي تدير شؤون البلاد بالتقسيط والآجل بدون أوقات معلومة ومحددة.

ومع ذلك نقول للدول التي تساهم وتساعد في هذه الحرب أن تعلم بأن الدنيا دوارة،وستدور الدائرة عليهم لأن الله يُمهل ولا يُهمل فمن أبكى الناس ظلماً أبكاهُ الله قهراً،وكل مؤذي سيؤذى ومن ضر سيُضر ولو بعد حين.

عزيزٌ أنت يا وطني برغم قساوة المحن ورغم صعوبة المشوار وضراوة التيار سنعمل بإذن الله لنعبر حاجز الزمن.

السودان في أتُون معركة صراع الكبار وصفقة دماء خاسرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى